responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 7  صفحه : 249
[سورة الجاثية (45) : الآيات 27 الى 29]
وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ (27) وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (28) هَذَا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (29)
يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّهُ مالك السموات والأرض والحاكم فيهما في الدنيا والآخرة، ولهذا قال عز وجل: وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَيْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ وَهُمُ الْكَافِرُونَ بِاللَّهِ الْجَاحِدُونَ بِمَا أَنْزَلَهُ عَلَى رُسُلِهِ مِنَ الْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ وَالدَّلَائِلِ الْوَاضِحَاتِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: قَدِمَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ الْمَدِينَةَ فَسَمِعَ الْمُعَافِرِيَّ يَتَكَلَّمُ بِبَعْضِ مَا يَضْحَكُ بِهِ النَّاسُ، فَقَالَ لَهُ: يَا شَيْخُ أَمَّا علمت أن لله تعالى يَوْمًا يَخْسَرُ فِيهِ الْمُبْطِلُونَ؟ قَالَ: فَمَا زَالَتْ تعرف في المعافري حتى لحق بالله تعالى، ذكره ابن أبي حاتم ثم قال تعالى: وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً أَيْ عَلَى رُكَبِهَا من الشدة والعظمة، ويقال إن هذا إِذَا جِيءَ بِجَهَنَّمَ فَإِنَّهَا تَزْفِرُ زَفْرَةً، لَا يَبْقَى أَحَدٌ إِلَّا جَثَا لِرُكْبَتَيْهِ، حَتَّى إِبْرَاهِيمُ الخليل عليه الصلاة والسلام وَيَقُولُ: نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي! لَا أَسْأَلُكَ الْيَوْمَ إلا نفسي. وحتى أن عيسى عليه الصلاة والسلام لَيَقُولُ: لَا أَسْأَلُكَ الْيَوْمَ إِلَّا نَفْسِي لَا أسألك مَرْيَمَ الَّتِي وَلَدَتْنِي! قَالَ مُجَاهِدٌ وَكَعْبُ الْأَحْبَارِ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً أَيْ عَلَى الرُّكَبِ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: جَاثِيَةً مُتَمَيِّزَةً عَلَى نَاحِيَتِهَا وَلَيْسَ عَلَى الرُّكَبِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَابَاهُ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «كَأَنِّي أَرَاكُمْ جَاثِينَ بِالْكَوَمِ [1] دُونَ جَهَنَّمَ» وقال إسماعيل بن أبي رَافِعٍ الْمَدِينِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، مَرْفُوعًا فِي حديث الصور: فَيَتَمَيَّزُ النَّاسُ وَتَجْثُو الْأُمَمُ، وَهِيَ الَّتِي يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا وَهَذَا فِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ وَلَا مُنَافَاةَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَوْلُهُ عز وجل: كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا يَعْنِي كِتَابَ أعمالها كقوله جل جلاله:
وَوُضِعَ الْكِتابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ [الزُّمَرِ: 69] وَلِهَذَا قال سبحانه وتعالى: الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أَيْ تُجَازَوْنَ بأعمالكم خيرها وشرها كقوله عز وجل: يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ
[الْقِيَامَةِ: 13- 15] ولهذا قال جلت عظمته: هَذَا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ أَيْ يَسْتَحْضِرُ جَمِيعَ أَعْمَالِكُمْ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نَقْصٍ كقوله جل جلاله: وَوُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ، وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنا مالِ هذَا الْكِتابِ لَا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً

[1] الكوم: أي المواضع العالية.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 7  صفحه : 249
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست